جواهر القاسمي تدعو لاستحداث وِزارةٍ تُعنى بشؤون المرأةِ في الإمارات
الشارقة – كل الناس:
دعت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة “نماء” للارتقاء بالمرأة، إلى تأسيس وزارة تُعنى بشؤون المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك خلال مشاركتها في الجلسة النقاشية المخصصة للسيدات، التي نظمتها مؤسسة “نماء” تحت عنوان “مستقبل المرأة في الإمارات”، أمس الأربعاء، بقاعة الجواهر للمناسبات والمؤتمرات بالشارقة على هامش فعاليات اليوم الأول من الدورة الثانية لمؤتمر “الاستثمار في المستقبل”، والتي تم خلالها استعراض مسيرة المرأة الإماراتية والإنجازات والمكتسبات التي حققتها على مدار الأربعة عقود الماضية، والرؤية المستقبلية لمواصلة هذه المسيرة.
وأكدت سمو الشيخة جواهر القاسمي أن قضيةَ تمكين المرأةِ هي واحدةٌ من أقدمِ وأهمِ القضايا التي لا تزالُ مطروحةً للبحثِ والتشاور، ليس لأنها قضيةٌ معقدةٌ كالكثيرِ من القضايا الإنسانيةِ في هذا العالم بل لأنها ترتبِطُ مع منظومةٍ كاملةٍ من القضايا الأخرى مثلُ قضيةِ التنميةِ، والمواردِ البشرية، والنزاعاتِ، والحروبِ، والفَقرِ، والبِطالةِ، وانتشارِ الجهلِ في البلدانِ التي تعاني ظروفاً اجتماعيةً واقتصاديةً استثنائية.
وأضافت سموها: “لم يكنْ الرجلُ يوماً مُعارضاً لتمكينِ المرأةِ كما تحاولُ بعضُ الثقافاتِ تسويقَ قضيتِها من مُنطلقاتٍ فكريةٍ غَيرِ سليمةٍ بل الفقرُ، والجهلُ، والخوفُ، واليأسُ من غدٍ مشرق.. كُلُها كانت تحدياتٌ تواجهُ المرأةَ والرجلَ معاً، لذلك لا يمكنُ الحديثُ عن تمكينِ المرأةِ بدونِ الحديثِ عن تأهيلِ المجتمعاتِ وثقافتِها فيما يتعلّقُ بالمواطنةِ والحقوقِ المُتساويةِ بين الرجلِ والمرأة باعتبارِها ثوابتَ يضمَنُها الدستورُ وتعززُها الممارسةُ، ولا يمكنُ الحديثُ عن تطورِ مكانةِ المرأةِ بمعزلٍ عن تطورِ المنطومةِ التشريعيةِ والقانونيةِ في كل بلد أو بمعزلٍ عن تطويرِ نُظُمِ التعليمِ وهيكليةِ المؤسساتِ وأساليبِ إدارتِها وكذلك لا يجوزُ الاكتفاءُ بمنجزاتِ المرأةِ في ساحةٍ ما بينما تعاني في ساحاتٍ أخرى”.
وقال قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة: “إنها قضيةٌ إنسانيةٌ حضاريةٌ شاملةٌ بامتياز، لذا نحنُ نعتبرُ أن مكانةَ المرأةِ في أيِ بلد هي مقياسٌ لتطورهِ الاجتماعي ونهضتهِ الثقافية ومُخرجاتِ مسيرتهِ التنموية، هذه هي رؤيتُنا العميقةُ لكيفيةِ تناولِ قضايا المرأةِ كمكونٍ أصيلٍ وشريكٍ لا غني عنه في بناءِ مجتمعاتِ المعرفةِ والسعادةِ، وفي بناءِ اقتصادٍ مستدام وتنميةٍ عادلةٍ لا تستثني أحداً من ثمارها”.
وأردفت سموها: “على أساسِ هذه الرؤية وبرعايةٍ من صاحبِ السموِ الشيخِ الدكتورِ سلطان بن محمد القاسمي، عضوِ المجلس الأعلى حاكمِ الشارقة، الذي كرّس جُلَّ جهودهِ للتنميةِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والثقافيةِ، وتوفيرِ كلِّ ما تحتاجُهُ هذه التنميةِ الشاملةِ من عواملِ النهضةِ والنموِ والاستدامةِ، وبمباركةٍ كريمةٍ من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسةِ الاتحاد النسائي العام الرئيسِ الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسِ المجلسِ الأعلى للأمومةِ والطفولةِ، أمِّ الإماراتِ، وبالاستناد إلى التجرِبَةِ الغنيةِ والمميّزةِ للمرأة في دولةِ الإمارات، قامت “مؤسسةُ نماء للارتقاءِ بالمرأة”، هذه المؤسسةُ التي أردنا من خلالِها تحويلَ رؤيتِنا وطموحاتِنا إلى برامجَ ومشاريعَ وشراكاتٍ هدفُها الارتقاءُ بواقعِ المرأةِ محلياً وإقليمياً وعالمياً وتوفيرُ كافةِ المقوماتِ الاجتماعيةِ، والثقافيةِ، والاقتصاديةِ اللازمة لإنجاحِ مسيرتها، وأن تكونَ مؤهلةً بالكاملِ لأداءِ دورِها في خدمةِ القضايا الوطنية والإنسانية على أساسِ الشراكةِ المتكافئةِ بينها وبين الرجل”.
وأكدت سمو الشيخة جواهر القاسمي على أنه وبالرغم من مرور أقل من عامٌ على تأسيسَ “نماء”، فقد نجحت المؤسسة في توحيدِ عددٍ من الأُطرِ النسوية المعنيةِ بتنميةِ وتطويرِ جهودِ المرأةِ في قِطاعاتِ الأعمالِ وجمعت تحتَ مِظلتِها كلاً من مجلسِ سيداتِ أعمالِ الشارقة، ومجلسُ إرثي للحرفِ التقليديةِ المعاصرة، وصُندوقِ نماء الدولي للمرأة، مشيرة إلى أنه في أكتوبر الماضي تمكنت “نماء” من نقلِ رؤيتِها وبرامجِها للعالمية من خلالِ الشراكةِ الاستراتيجية بينها وبين هيئةِ الأمم المتحدة للمرأةِ في قيادةِ البرنامجِ العالمي “تكافؤ الفرصِ لسيدات الأعمال” وهو أحدُ أهم البرامجِ التابعةِ لمبادرة “التمكين الاقتصادي للمرأة” التي تقودُها هيئةُ الأممِ المتحدةِ للمرأة.
وأضافت سموها: “إن وجودَنا في هذا البرنامجِ العالمي وفرَ للمرأةِ مَدخلاً واسعاً للتأثيرِ في برنامجِ السياساتِ العالميِ المصممِ لمساعدةِ صُنّاعِ القرارِ على حمايةِ حقوقِ رائداتِ الأعمالِ وتأمينِ مصالحهنِ في جميعِ أنحاءِ العالم، وأعتقدُ أن أهميةَ هذه الشراكةِ تتمثلُ في أنها تجمعُ بين التجرِبَةِ الإقليميةِ والعالميةِ للمرأة، وتوحدُ المواقفَ والتصوراتِ حولَ واقعها كرائدةِ أعمالٍ لها الحقُ في اتخاذِ القراراتِ الاقتصاديةِ المصيريةِ، وفي توجيهِ استثماراتِها نحو القطاعاتِ التي تستهدفُ تنميةَ واقعها الاجتماعي، وكذلك في مدى الأثرِ الإيجابيِ الذي ستنقُلُه لتجربةِ المرأةِ العربيةِ والإماراتية، وفي ترجمةِ جوهرِ قضيةِ المرأة كقضيةٍ عالميةٍ حتى لو كانت لها خصوصياتُها الإقليمية”.
وأكدت رئيسة مؤسسة “نماء” للارتقاء بالمرأة، أن المؤسسة لم تكن لتَبصُرَ النور وتباشرَ أداءِ واجباتِها بهذه العزيمة إلا لأنها استندت للتجرِبَة الإماراتية العميقة الجُذُور في تمكينِ المرأةِ ورعاية مصالِحِها والارتقاءِ بمكانتِها الاجتماعية، “الرجلُ أخٌ للمرأةِ والمرأةُ أُختٌ للرجل ليس هناك فرقٌ بينهما إلا في العمل العملُ الطيبُ والعملُ السيءُ هنا يكمُنُ الفرقُ” هذه الكلماتُ لمؤسسِ دولةِ الإمارات المغفورِ له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان شكلت الأساسَ النظريَ للقوانينِ والتشريعاتِ التي صُممتْ لتضعَ المرأةَ في خانةِ المساواة في الحقوقِ والواجباتِ مع الرجل، الفرقُ بين الرجلِ والمرأةِ هو العملُ وليس النوعَ وهذا هو المعنى العميقُ لمفاهيمِ المواطنةِ الدُّستوريةِ وسيادةِ القوانينَ والاستقرارِ الاجتماعي.
وأضافت سموها: “على هذه الكلمات نشأت أجيالٌ كاملةٌ تؤمنُ بالمساواةِ في الحقوقِ والمدنية وبالمواطنةِ المتكافئة ووحدةِ النسيجِ الاجتماعي وتضافرِهِ في السعي لبناءِ دولةٍ حديثةٍ بكافةِ المعايير، وبإلهامٍ من هذه الكلمات التي تختزلُ مضامينَ ثقافيةً عظيمةً استكملَ قادةُ الإماراتِ مسيرةَ تمكينِ المرأة، فتأسست جمعيةُ “نهضة المرأة الظبيانية” في إمارةِ أبو ظبي عام 1973 برئاسةِ سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك التي يعودُ لسموها الفضلُ الكبيرُ في إرساءِ أسسِ العملِ النسوي بدولةِ الإمارات العربية المتحدة وفي عام 1975، تأسس “الاتحادُ النسائي العام” في الدولة وانتُخِبَت سموُ الشيخة فاطمة رئيساً عاماً له تقديراً لتجرِبتها الرائدةِ في تأطيرِ العمل النِّسوي وبناءِ منهجٍ علمي مؤسساتي يحتضنُ حقوقَ وتطلعاتِ المرأةِ الإماراتية وانضم الاتحادُ في نفس العام إلى الاتحاد النسوي العربي”.
وأكملت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة قائلة: “هكذا أصبح للمرأة الإماراتية مؤسستَها الاتحاديةِ التي ترعى طموحاتِها وتساعدُها على تطويرِ مهاراتها القيادية لتتولى زِمامَ المبادرةِ في قيادةِ مسيرتِها وإثراءِ تجرِبتِها الخاصة فتوالت الانجازاتُ النسويةُ مستفيدةً من دعم الاتحاد النسائي العام وأطرِهِ الفرعيةِ في كل إمارة ومن الرعايةِ المباشرةِ للقيادة التي أدركت أن تخلّفَ المرأةِ عن مسيرةِ تطورِ الدولة وعدمِ تمكينِها من مواكبةِ ما تحققه من منجزاتٍ اقتصادية وثقافية سيشكلُ عائقاً أمام هدفِ القيادة الاستراتيجي وهو بناءُ مجتمعٍ مستقرٍ ومنسجمٍ في مكوناته”.
واختمت سمو الشيخة جواهر القاسمي كلمتها بالدعوة إلى استحداث وِزارةٍ جديدةٍ تُعنى بشؤون المرأةِ في دولة الإمارات وقالت سموهاً: “أمامَ هذه المنجزاتِ التاريخية الكبيرةِ للمرأة الإماراتية وأمامَ ما ينتظِرُنا وينتظرُ نساءَ العالم من تحدياتٍ تشترطُ علينا أن نبتكرَ، ليس فقط في كيفيةِ استكمالِ مسيرةِ المرأة، بل وفيما يجب استحداثُه من مؤسساتٍ رسميةٍ للارتقاء بشكلِ ومستوى تمثيلِ المرأة، وبما أننا في الإمارات نحيا زمنَ السبقِ في كثير من الإنجازات وفي استحداثِ الوزاراتِ الجديدةِ التي تتناسبُ مع تفرّدِ متطلباتِ مسيرتِنا، فأعتقد أنه حان الوقتُ لنكون السباقينَ في استحداث وِزارةٍ جديدةٍ تُعنى بشؤون المرأةِ في دولة الإمارات، وأتمنى أن نحتفلَ معاً قريباً بهذا الحُلُم الذي سيساعدنا على ضمانِ استمراريةِ واستدامةِ مسيرةِ تمكين المرأة والارتقاءِ بأدوارها واستثمار قدراتِها لخدمةِ مجتمعِها ووطنِها بغض النظرِ عن أي ظروفٍ أو متغيّراتٍ قد تواجهها المرأةُ مستقبلاً”.