د. عبير ناصف : أزمة منتصف العمر
بقلم د. عبير ناصف (مدربة التنمية البشرية ) :
ماهي ازمة منتصف العمر ؟
ومتى تحدث ؟
وماهي أعراضها ؟
وماذا يجب علينا للوقاية منها وتخطيها ؟
هذه الاسئلة طرحت نفسها مؤخرا على الكثيرون من الرجال والنساء الذين يستشعرون فجأة في مرحلة معينة من العمر بضغوط نفسيه بافكارهم ومشاعرهم وتتغييرات جذرية في حياتهم وسلوكهم ومخزون افكارهم ومعتقداتهم الثابتة فيستشعرون أزواجهم أوزوجاتهم أو أقرب الناس اليهم وكأنهم أصبحوا أغراب عنهم في بعض أو كل سلوكياتهم .
أزمة منتصف العمر
يعد هذا المصطلح غريب وجديد على بعض الناس اللذين لا يدركون أثر هذه المرحلة بحياتهم فالانسان منذ ولادته يمر بعدة مراحل منها الطفولة والمراهقة والشباب ومنتصف العمر ثم الشيخوخة ,,
وتتساوى هذه المرحلة وهي ” منتصف العمر ” بخطورة وأهمية مرحلة المراهقة , وهي مرحلة انتقالية طبيعية تمر فيها الغالبية العظمى من الناس، نظرا لارتباطها بتغيرات بيولوجية وهرمونية يتعرض لها البشر جميعا. تحتاج الى طريقة معينه في التعامل نظرا لتلك التغييرات التي تحدث بالجسم ولها تأثيرات مباشرة على الرجل والمرأة وذلك من بعد سن الاربعين وحتى الستين واحيانا تبدأ هذه المرحلة مبكرا في أواخر الثلاثينات من العمر .
هذه المرحلة يمر بها كلا من الرجل والمرأة سواء كانوا متزوجين أو عزابا ولكن أثبتت الدراسات والبحوث حول هذه الظاهرة أنها لا تتحول الى ازمة غير عند 7 % فقط من الرجال والنساء وهذا في المتوسط ما بين 5 الى 15 % من كل رجل وامرأة .
ومن التغييرات الفسيولوجية التي تحدث للمرأة من بعد الاربعين هي نقص افرازهرمون الاستروجين في الدم مما يجعلها تشعراحيانا ببعض الاعراض المتمثلة بالتعرق الغزير وتسرع دقات القلب والشعور بالتوهج في الوجه والجسم أو ما يعرف بالهبات الساخنة، إضافة إلى الإحساس بالوهن العام والميل إلى النوم الكثيروالقلق الليلي و الهمود والكآبة.
أما التغيرات الفسيولوجية التي تحدث للرجل فتتمثل في انخفاض نسبة هرمون التستسترون من بعد سن الاربعين وهو الهرمون المسئول عن الخصوبة عند الرجل والقوة العضلية وينخفض بنسبة 1% كل عام من بعد سن الاربعين عند الرجل مما يجعله يشعر بالتعب والارهاق عند بذل مجهود مقارنه بقوته فيما سبق ويشعر ايضا بانخفاض المعنويات وبعض الاكتئاب .
تعتبر هذه المرحلة الانتقالية حالة من عدم الاستقرار العاطفي والنفسي المصاحبة للتغير الهرموني في مرحلة منتصف العمر، إلا أنها ونتيجة لبعض الظروف الخاصة بالبيئة الاجتماعية والإشباع النفسي والعاطفي ودرجة تحقيق الذات، تظهر لدى أشخاص في عمر مبكر أكثر من غيرهم، وبتفاوت في شدة الأعراض .
كما أن النساء والرجال الذين يعيشون حياة زوجية مُشبعة بالحب والاهتمام والعلاقة الزواجية الدافئة يجتازون أزمة منتصف العمر بأقل أضرار ممكنة، ويعبرون إلى النصف الآخر من العمر بعلاقات أكثراتزانا وتفاهما وقربا.
أعراض هذه الازمة عند الرجال مختلفة ما بين رجل وآخر وأمثلتها كالتالي :
وفي هذه الأزمة يقف الرجل محاسبة لنفسه عن ماضيه وحاضره ومستقبله ، وقد تبدو له سنوات عمره الماضية وكأنها مضت هباء ، فيصبح غير راض عما تحقق فيها ، ويشعر أنه فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أحلامه على كل المستويات وأنه كان يجري وراء سراب ، وبحسابات الحاضر هو أيضاً خاسر ، ويشعر انه ضيع عمره هباءاً ولم يعد يملك شيئاً ذا قيمة فقد أنهكت قواه وذهب شبابه وضحى بفرص كثيرة من أجل استقرار أسرته ، ومع هذا لا يقدر أحد تضحياته ، ولذلك يشعر بأن الأرض تهتز تحت قدميه . حتى المبادئ والقيم التي عاش يعلي من قيمتها أصبحت تبدو الآن شيئاً باهتاً ، فلم يعد يرى لها نفس القيمة ، ولم يعد متحمساً لشيء ولا مهتماً بأي شيء ذي قيمة في المستقبل فقد خارت قواه وانطفأ حماسه واكتشف أن الناس لا يستحقون التضحية من أجلهم ، وأن المبادئ التي عاش لها لم يعد لها قيمة في هذه الحياة ، وأن رفاق الطريق قد تغيروا وأصبحوا يبحثون عن مصالحهم ومكاسبهم بأي شكل وتخلوا عن كل مبادئهم وشعاراتهم التي رفعوها سابقا
يشعر الرجل أنه يريد أن يبدأ صفحة جديدة من حياته ، ولكن ذلك يستلزم الابتعاد عن الزوجة والأولاد والتحرر من قيودهم ، وبالفعل بدأ يتغيب كثيراً عن المنزل ويرتبط بمجموعة من الأصدقاء الجدد الأصغر سنا
أو يبدأ الرجل بالتفكير في الارتباط بامر’أخرى معتقداً أنها الحل الوحيد للخروج من الملل وروتين الحياة القاتل الذي يعيشه. يقوم الرجل باتخاذ قرارات عشوائية فيما يتعلق بالتصرف بأمواله أو على الصعيد المهني.
أو يقوم الرجل بإجراء تغييرات جذرية على مظهره الخارجي ويبدأ بقضاء وقت طويل أمام المرآة والاعتناء بزينته وهندامه بشكل كبير.
ورجل آخر يستغرق في العمل والنشاط والنجاح في مجالات كثيرة على أمل التعويض عن الإحساس باليأس والاحباط الناتج عن طريقة تفكيره السلبية المركزة فقط على نقاط ضعفه وفشله بحياته .
وهناك بعض الرجال يشعرون بآلام الأزمة ولكنهم يتحملون ويقاومون في صمت ، ويحاولون إخفاء الأزمة عمن حولهم ، ولذلك تظهر عليهم بعض الأعراض الجسمانيه نتيجة لكبت مشاعرهم فتظهر في صورة امراض عضوية كالتهاب المفاصل وضغط الدم وضيق التنفس وآلالام بالبطن والمعدة .
يفقد الرجل اهتمامه بزوجته ويبدأ الرجل بقضاء وقت اقل مع العائلة أو في المنزل ويميل بعض الرجال في هذه المرحلة إلى الإسراف في التدخين .
وأحيانا التخلي عن مسئولية الزوجة والاولاد بشكل كلي أو جزئي ظنا منه انه قضى عمره من اجلهم ولم يفكر جيدا في نفسه واهتماماته وان هذا التخلي سيتيح له الفرصة فيتحقيق سعادته رغباته .
تبدأ علامات الاكتئاب التقليدية بالظهور عليه بشكل واضح، من هذه الأعراض النوم الكثير، وفقدان الشهية.
يصبح الرجل يعبر باستمرار عن حنينه للماضي ويكثر من الحديث عن ماضيه.
هذه هي بعض أعراض أزمة منتصف العمر التي يمر بها كثير من الرجال ولكنهم لا يدركون انه مشؤرات لمرحلة خطيرة قد تنسف كل ما هو أخضر بحياته لو لم يتدارك الأمر ويحسن التصرف .
وأعراض هذه الازمة عند المرأة مختلفة ما بين إمرأة وآخرى وأمثلتها كالتالي :
هذه بعض الأعراض التي تصيب النساء في مرحلة انقطاع الدورة الشهرية تحدث عندما تصل المرأة عمر ما بين45-60 سنة تقوم المرأه باستكشاف نفسها من جديد و كأنها تعود من الصفر فان كانت متزوجة قد تشعر بالملل من الحياة الزوجية النمطية وغيرها من الأعراض .والبعض يطلق على هذه الأزمة والذي أصبح معروفا بسن اليأس فان السبب الاساسى لسن اليأس هو فقدان المراه للشىء الذى يشعرها بكونها انثى .
ولكنه اختلف معهم بهذا الوصف فهو ليس سن اليأس وانما سن الاياس من الحيض و من أهم أعراضه ما يلي :
-الشعور بنوبات حرارة في الوجه والرأس و التعرق الكثير و تحدث في 70-80% من النساء في هذا السن و تختلف شدة هذه الأعراض من سيدة إلى أخرى فقد تستمر عندهن هذه الأعراض لمدة 10 سنوات.
-الم عند الجماع و ذلك لان نقص هرمون الاستروجين يؤدي إلى قلة إفرازات المهبل وبالتالي جفافه و ضمور جدار المهبل و بالتالي الإحساس بألم عند الجماع.
-هشاشة العظام فهي من العوامل التي تؤثر على التمثيل الغذائي لهرمون الاستروجين و تزيد من فرصة التعرض لهشاشة العظام في سن اليأس.
هناك هرمونات بديلة يمكنها تعويض الجسم :
-هرمون الاستروجين و البروجيسترون يؤخذ هذا النوع من الهرمونات على شكل أقراص بصورة يوميا وذلك ما يفضلة بعض النساء بعد عمر 60 سنة
-إعطاء هرمون الاستروجين عن طريق لاصق جلدي يتم تبديله كل 4-7 أيام و يفضل استعماله عند النساء الكبيرات في السن و من أعراضه الجانبية احمرار الجلد وذلك غالبا في الجو الحار أو في فصل الصيف.
وهنا أعراض ظهور الأزمة الحقيقة عند المراة :
-
شعورها بتقلص دورها في الحياه كأنثى وخاصة بعد انقطاع الدورة الشهرية، بحيث يصبح الاكتئاب أحياناً قريباً جداً منها؛ بسبب القلق المتواصل حول مظهرها وأنوثتها وان الابناء كبرت ولم تعد بحاجة اليها كما سبق
-
ميلها إلى تغيير عملها ضمن فترات زمنية متقاربة؛ لإيجاد بيئة خالية من الانتقادات حول عمر المرأة.
-
تغيير مفاجئ في المظهر وشراء ملابس لا تتناسب مع عمرها واصرارها على ارتدائها وجرأ كبيرة في اتخاذ بعض القرارات المتعلقة بحياتها
-
شعور بالخوف والوحدة والملل من الزوج وروتي الحياه الزوجية ,
-
فكل هذه الاعلامات هي انذار خطر لتحول هذه المرحلة الطبيعية الى أزمة لو لم يتم تدراكها سيصعب التعامل معها وربما ادت الى نهاية الكثير من العلاقات الاسرية والحياه الزوجية اما أن يحدث انفصال فعلي أو ما يسمى بالخرس الزوجي وهو ان يظل الازواج مع بعض ولكن يخفي كلا منهم مشاعر ه وأفكاره السلبية المتراكمه تجاه الآخر فيحدث انفصال عاطفي وروحي وتتحول من علاقة زوجية يربطها الحب والمودة والسكينة الى علاقة أسرية تربطها الأولاد والاحتياجات المادية والخوف من رأي المجتمع .