المرايا
في طفولتى كنت أرى نفسي في عيون الكبار .. هؤلاء الكبار الذين يعرفون كل شيء و لا يخطئون أبدا و رأيهم بالقطع هو الرأي الصائب .. هكذا تعلمت
تلك المرايا التى رأيت فيها نفسي منها ماهو حقيقي عنها ومنها ما هو ليس فيها على الاطلاق و لكننى صدقته لأنهم كبار!!
و عندما تخطيت مرحلة الطفولة و تعددت المواقف و تعرفت على أناس جدد ليسوا كبارا و ليسوا من عائلتى ..تلك مرايا أخرى…علمتنى عن نفسي الكثير …
أي هذه المرايا أصدق؟ كنت اتسائل …..
انظر للمرآه لأتأكد أني أنا الحقيقية التي أعرفها و لست تلك التى يراها الآخرون ..و يطلبون منها التصرف وفقا لما يريدون و يعلمون و يتمنون ..و ليس وفقا لما أقدر أو أعرف او أريد أنا …ويتوقعون مني ما لا اتوقعه عن نفسي ..لأنهم يرونه بأعينهم و ليس بعينى…
هذه قصة الطفولة تلك القصة التي تخبىء عن حقيقتنا الكثير و الكثير و لكننا نجهلها او نتهرب منها أو أو أو
في هذه المرحلة المبكرة من العمر تعاملنا مع الحياه بطريقة كانت تناسب فهمنا عن أنفسنا في حينها و كنا نعتقد هي الطريقة الأنسب و الأفضل لنا ..لا بأس !
كبرنا و تغيرنا و تغيرت دوائر علاقاتنا … و كل مرة ابحث عن تأكيد أرى به نفسي كما أعرفها لا كما يريدون أن أكون….
فكانت بداية رحلتى للظهور إلى العالم بحقيقتى هو تعلمى لعلم ( الإنياجرام enneagram) علم تحليل الشخصية وفقا لاحدى مدارس علم النفس من خلال الدوافع و المشاعر و المخاوف و القيم و المعتقدات التى تحركنا للتعامل مع جوانب الحياة المختلفة.
يساعدك الإنياجرام على رؤية لك في الحقيقة أكثر بكثير مما تظن.. لترى نفسك الحقيقية من الداخل فأنت لست شخصيتك ..أنت لست موصوما بذلك الطابع فتصير محبوسا داخله طول الوقت لا تعرف التصرف الا كما تعلمت ان تتصرف حتى تكون محبوبا أومقبولا أو آمنا أو سعيدا أو سالما أو ناجحا أو مثاليا أو قويا و عادلا أو أصيلا …..
علم الطبائع التسعة (الإنياجرام) أرى أنه يعبر عن بيت الشعر المنسوب للإمام علي بن ابي طالب
دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ – وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ
أَتَزعُمُ أَنَّكَ جُرمٌ صَغير – وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ
فَأَنتَ الكِتابُ المُبينُ الَّذي- بِأَحرُفِهِ يَظهَرُ المُضَمَرُ
وَما حاجَةٌ لَكَ مِن خارِجٍ – وَفِكرُكَ فيكَ وَما تُصدِرُ
تسعة طبائع للنفس البشرية تتجلى بداخلنا و عند الضغوط و الألم يظهر أقربهم لنا و لمشاعرنا و فقا لما مررنا به من أحداث و ما سمعناه من كلمات وما رأيناه في عيون بيئتنا الآمنة منذ نعومة أظافرنا ،واختفت فطرتنا الحقيقية و ظهر الايجو EGO أو الأنا المزيفة الذي يخيل الينا انه يساعدنا لكى ندافع عن أنفسنا و لكنه في الحقيقة يخفى عنا حقيقتنا و فطرتنا الجميلة …
إذا كنت تريد أن تبحر معي في عالم يريك داخلك بدون تجميل أو تشويه ، فتابع معي المقالات القادمة والتي سأتحدث فيها عن كل طابع بشكل مستفيض و لتكون البداية أن تكون نفسك .