المرايا: انا الساعي للكمال

سلسلة المرايا

أسمى ( كمال ) عندما كنت صغيرًا ، كنت أبذل قصارى جهدي كي أكون الشخصية المثالية في البيت والمدرسة والنادي و في كل مكان أذهب إليه 

أنا التلميذ الشاطر اللي بيسمع الكلام ، ولا أحب الخطأ ولا من يخطئون ، لكن في حقيقة الأمر كنت أشعر أني غير قادر على أن أكون كذلك كل الوقت ..رباني أبي على المثالية و الكمال ، وكلما سعيت للأفضل يطلب منى ما هو أفضل ، فلا أصل أبدا من وجهة نظره لما يريد ، و كنت أنتقد كل ما هو غير مطابق لمعايير الصح عندي. 

توقعات أبي عندي كانت عالية جدا ، وما وصلت اليها يوماً من وجهة نظره ، فذلك ما عرفته عن نفسي منذ الصغر( اني غير كامل وغير جيد  إلا إذا اتبعت قواعد من هم اكبر منى وإلا أنال العقاب الشديد ) 

 

كنت دائم البحث عن قدوة لأتباعه ولكي يضع لي مقاييس الصح والغلط لإني كنت مستاء من القيود وقواعد أسرتي الظالمة .

دائما أضع نفسي في مقارنات بين ما حدث وما كان يجب أن يحدث، أقسو على نفسي بشدة وكذلك على كل من لا يتبع النظام والقواعد و الصح الذي أراه أنا ، فاستخدم الأسلوب اللاذع في النقد ، محاولًا قدر الإمكان التأدب في اختيار الألفاظ ، أكتم  غضبي كثيرا ، فيظهر على وجهي في شكل استياء و ( قرف ) من الآخرين . 

لغة جسدي فيها  جمود ونظرات عيني و قسمات جبهتي يكسوها  الشعور بالاشمئزاز من رؤية الخطأ .

 

ما اعتقده عن نفسي (أنت غير مقبول كما أنت ،يجب أن تكون أفضل ، أفضل دائما ، إياك والخطأ ، واعمل الصح،) 

هذه المرآة المشوشة عن ذاتي أتعبتني …

فأنا لست مثاليا و لا أريد الكمال ولكنى أخشي النقد و العقاب 

 

حقيقتي التي ابحث عنها ، انني بشر ، والبشر يُخطئون ، وان كمال البشر في النقصان .

وان الخطأ الذي أقترفه ماهو الا جزء من عملية التعلم والنمو.

أريد أن أكون أكثر حنانا ‏ على نفسي ، كفاية قسوة و جلد ذات .

يجب أن أثق في بوصلتى الداخلية ، التي تقدر ‏على توجيهي للوصول الي السعادة في هذه الحياه 

كفي أسفاً و نقداً و لوما للنفس وللآخرين ، والكمال لله وحده .

 

ختاما 

يقول ابن خلدون: «الإنسان جاهلٌ بالذاتِ، عالمٌ بالكسبِ».. عقلَهُ صفحةً بيضاء، ليس فيها معرفةً قَبْليَّة! ثم تبدأ التجارب بالانتقاش عليها (22)، لتُلونها.. هذا فِعلٌ أبيض، وهذا جُرمٌ أسود، وما بين حدة تناقض الأبعَدَين نَهرُب لعالمٍ من الألوان، عسى أن تَنبُتَ زهرة بريَّة بنفسٍ جرداء، أو حتى يواسينا بصبره -على العطَشِ- خَضار لون الصبّار.

ما بين الأبيض والأسود.. لنا في الألوان حياة


المقال الأول من المرايا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى